فصل: 10- ما ينبغي أن يكون عليه المؤذن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.9- الذكر عند الإقامة:

يستحب لمن يسمع الإقامة أن يقول مثل ما يقول المقيم.
إلا عند قوله: قد قامت الصلاة، فإنه يستحب أن يقول: أقامها الله وأدامها، فعن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أن بلالا أخذ في الإقامة، فلما قال: قد قامت الصلاة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أقامها الله وأدامها» إلا الحيعلتين، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

.10- ما ينبغي أن يكون عليه المؤذن:

يستحب للمؤذن أن يتصف بالصفات الاتية:
1- أن يبتغي بأذانه وجه الله فلا يأخذ عليه أجرا.
فعن عثمان بن أبي العاص قال قلت يا رسول الله: اجعلني إمام قومي قال: «أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي، لكن لفظه: إن آخر ما عهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أن اتخذ مؤذنا لا يتخذ على أذانه أجرا» قال الترمذي عقب روايته له - حديث حسن، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، كرهوا أن يأخذ على الأذان أجرا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.
2- أن يكون طاهرا من الحدث الاصغر والاكبر، لحديث المهاجر بن قنفذ رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «إنه لم يمنعني أن أرد عليه إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة»، رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة.
فإن أذن على غير طهر جاز مع الكراهة، عند الشافعية، ومذهب أحمد والحنفية وغيرهم عدم الكراهة.
3- أن يكون قائما مستقبل القبلة.
قال ابن المنذر: الاجماع على أن القيام في الأذان من السنة، لأنه أبلغ في الاسماع، وأن من السنة أن يستقبل القبلة بالأذان.
وذلك أن مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يؤذنون مستقبلي القبلة، فإن أخل باستقبال القبلة كره له ذلك وصح.
4- أن يلتفت برأسه وعنقه وصدره يمينا، عند قوله: حي على الصلاة، حي الصلاة، ويسارا عند قوله: حي على الفلاح، حي على الفلاح.
قال النووي في هذه الكيفية: هي أصح الكيفيات.
قال أبو جحيفة: وأذن بلال، فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا، يمينا وشمالا، حي على الصلاة، حي على الفلاح. رواه أحمد والشيخان.
أما استدارة المؤذن فقد قال البيهقي: إنها لم ترد من طرق صحيحة، وفي المغني عن أحمد: لا يدور إلا إن كان على منارة يقصد إسماع أهل الجهتين.
5- أن يدخل أصبعيه في أذنيه، قال بلال: فجعلت أصبعي في أذني فأذنت. رواه أبو داود وابن حبان، وقال الترمذي: استحب أهل العلم أن يدخل المؤذن اصبعيه في أذنيه في الأذان.
6- أن يرفع صوته بالنداء، وإن كان منفردا في صحراء. فعن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن أبيه، أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إني أراك تحب الغنم والبادية، فإذا كنت في غنمك أو باديتك فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة. قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري والنسائي وابن ماجه.
7- أن يترسل في الأذان: أي يتمهل ويفصل بين كل كلمتين بسكتة، ويحذر الإقامة: أي يسرع فيها.
وقد روي ما يدل على استحباب ذلك من عدة طرق.
8- أن لا يتكلم أثناء الإقامة: أما الكلام أثناء الأذان فقد كرهه طائفة من أهل العلم، ورخص فيه الحسن وعطاء وقتادة.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: الرجل يتكلم في أذانه؟ فقال: نعم. فقيل: يتكلم في الإقامة؟ قال: لا. وذلك لأنه يستحب فيها الاسراع.

.11- الأذان في أول الوقت وقبله:

الأذان يكون في أول الوقت، من غير تقديم عليه ولا تأخير عنه، إلا أذان الفجر فإنه يشرع تقديمه على أول الوقت. إذ أمكن التمييز بين الأذان الأول والثاني، حتى لا يقع الاشتباه.
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن بلالا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» متفق عليه.
والحكمة في جواز تقديم أذان الفجر على الوقت ما بينه الحديث الذي رواه أحمد وغيره عن ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: «لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن، أو قال: ينادي، ليرجع قائمكم وينبه نائمكم» ولم يكن بلال يؤذن بغير ألفاظ الأذان.
وروى الطحاوي والنسائي: أنه لم يكن بين أذانه وأذان ابن أم مكتوم إلا أن يرقى هذا وينزل هذا.كما يجوز أذان الصبي المميز.

.12- الفصل بين الأذان والإقامة:

يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يسع التأهب للصلاة وحضورها لأن الأذان إنما شرع لهذا.وإلا ضاعت الفائدة منه.
والأحاديث الواردة في هذا المعنى كلها ضعيفة. وقد ترجم البخاري: باب كم بين الأذان والإقامة، ولكن لم يثبت التقدير. قال ابن بطال: لا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن ثم يمهل فلا يقيم، حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج، أقام الصلاة حين يراه رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.

.13- من اذن فهو يقيم:

يجوز أن يقيم المؤذن وغيره باتفاق العلماء، ولكن الأولى أن يتولى المؤذن الإقامة.
قال الشافعي: وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة.
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، أن من أذن فهو يقيم.

.14- متى يقام إلى الصلاة:

قال مالك في الموطأ: لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة حدا محدودا، إني أرى ذلك على طافة الناس، فإن منهم الثقيل والخفيف. وروى ابن المنذر عن أنس، أنه كان يقوم إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة.

.15- الخروج من المسجد بعد الأذان:

ورد النهي عن ترك إجابة المؤذن، وعن الخروج من المسجد بعد الأذان إلا بعذر، أو مع العزم على الرجوع، فعن أبي هريرة قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي» رواه أحمد وإسناده صحيح.
وعن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: خرج رجل من المسجد بعدما أذن المؤذن فقال: أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم رواه مسلم وأصحاب السنن، وعن معاذ الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع منادي الله ينادي يدعو إلى الفلاح ولا يجيبه» رواه أحمد والطبراني.
قال الترمذي: وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، أنهم قالوا: «من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له».
وقال بعض أهل هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لاحد في ترك الجماعة إلا من عذر.

.16- الأذان والإقامة للفائتة:

من نام عن صلاة أو نسيها فإنه يشرع له أن يؤذن لها ويقيم حينما يريد صلاتها، ففي رواية أبي داود في القصة التي نام فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولم يستيقظوا حتى طلعت الشمس، أنه أمر بلالا فأذن وأقام وصلى، فإن تعددت الفوائت استحب له أن يؤذن ويقيم للاولى ويقيم لكل صلاة إقامة، قال الاثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن رجل يقضي صلاة: كيف يصنع في الاذان؟ فذكر حديث هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه: أن المشركين شغلوا النبي عن أربع صلوات يوم الخندق، حتى ذهب من الليل ما شاء الله قال: فأمر بلالا فأذن وأقام وصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء.

.17- أذان النساء واقامتهن:

قال ابن عمر رضي الله عنهما: ليس على النساء أذان ولا إقامة رواه البيهقي بسند صحيح وإلى هذا ذهب أنس، والحسن، وابن سيرين، والنخعي والثوري، ومالك، وأبو ثور، وأصحاب الرأي.
وقال الشافعي وإسحاق: إن أذن وأقمن فلا بأس. وروي عن أحمد: إن فعلن فلا بأس، وإن لم يفعلن فجائز.
وعن عائشة: «أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء، وتقف وسطهن» رواه البيهقي.

.18- دخول المسجد بعد الصلاة فيه:

قال صاحب المغني: ومن دخل مسجدا قد صلي فيه، فإن شاء أذن وأقام، نص عليه أحمد لما روى الاثرم وسعيد بن منصور عن أنس: أنه دخل مسجدا قد صلوا فيه فأمر رجلا فأذن بهم وأقام. فصلى بهم في جماعة. وإن شاء صلى من غير أذان ولا إقامة، فإن عروة قال: إذا انتهيت إلى مسجد قد صلى فيه ناس أذنوا وأقاموا، فإن أذانهم وإقامهتم تجزئ عمن جاء بعدهم، وهذا قول الحسن والشعبي والنخعي، إلا أن الحسن قال: كان أحب إليهم أن يقيم، وإذا أذن فالمستحب أن يخفي ذلك ولا يجهر به، لئلا يغر الناس بالاذان في غير محله.

.19- الفصل بين الإقامة والصلاة:

يجوز الفصل بين الإقامة والصلاة بالكلام غيره. ولا تعاد الإقامة وإن طال الفصل. فعن أنس بن مالك قال: أقيمت الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يناجي رجلا في جانب المسجد فما قام إلى الصلاة حتى نام القوم. رواه البخاري.
وتذكر النبي صلى الله عليه وسلم يوما أنه جنب بعد إقامة الصلاة، فرجع إلى بيته فاغتسل ثم عاد وصلى بأصحابه بدون إقامة.

.20- أذان غير المؤذن الراتب:

لا يجوز أن يؤذن غير المؤذن الراتب إلا بإذنه، أو أن يتخلف فيؤذن غيره مخافة فوات وقت التأذين.

.21- ما أضيف إلى الأذان وليس منه:

الأذان عبادة، ومدار الأمر في العبادات على الاتباع. فلا يجوز لنا أن نزيد شيئا في ديننا أو ننقص منه.
وفي الحديث الصحيح: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد»: أي باطل.
ونحن نشير هنا إلى أشياء غير مشروعة درج عليها الكثير، حتى خيل للبعض أنها من الدين، وهي ليست منه في شئ، من ذلك:
1- قول المؤذن حين الأذان أو الإقامة: أشهد أن سيدنا محمدا رسول الله.
رأى الحافظ ابن حجر أنه لا يزاد ذلك في الكلمات المأثورة، ويجوز أن يزاد في غيرها.
2- قال الشيخ اسماعيل العجلوني في كشف الخفاء مسح العينين بباطن أنملتي السبابتين بعد تقبيلهما عند سماع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، مع قوله: أشهد أن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا رواه الديلمي عن أبي بكر، أنه لما سمع قول المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله، قاله وقبل باطن أنملتي السبابتين ومسح عينيه فقال صلى الله عليه وسلم: من فعل فعل خليلي فقد حلت له شفاعتي.
قال في المقاصد: لا يصح وكذا لا يصح ما رواه أبو العباس بن أبي بكز الرداد اليماني المتصوف في كتابه «موجبات الرحمة وعزائم المغفرة» بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه، عن الخضر عليه السلام أنه قال: من قال حين يسمع المؤذن يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، مرحبا بحبيبي وقرة عيني محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه لم يعم، ولم يرمد أبدا، ونقل غير ذلك ثم قال: ولم يصح في المرفوع من كل ذلك.
3- التغني في الأذان واللحن فيه بزيادة حرف أو حركة أو مد، وهذا مكروه، فإن أدى إلى تغيير معنى أو إبهام محذور فهو محرم.
وعن يحيى البكاء: قال رأيت ابن عمر يقول لرجل إني لأبغضك في الله، ثم قال لأصحابه: إنه يتغنى في أذانه، ويأخذ عليه أجرا.
4- التسبيح قبل الفجر: قال في الاقناع وشرحه، من كتب الحنابلة: وما سوى التأذين قبل الفجر من التسبيح والنشيد ورفع الصوت بالدعاء ونحو ذلك في المآذن، فليس بمسنون، وما من أحد من العلماء قال إنه يستحب، بل هو من جملة البدع المكروهة لأنه لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا في عهد أصحابه. وليس له أصل فيما كان على عهدهم يرد إليه، فليس لاحد أن يأمر به ولا ينكر على من تركه، ولا يعلق استحقاق الرزق به لأنه إعانة على بدعة ولا يلزم فعله، ولو شرطه الواقف لمخالفته السنة.
وفي كتاب تلبيس إبليس لعبد الرحمن بن الجوزي: وقد رأيت من يقوم بليل كثير على المنارة فيعظ ويذكر ويقرأ سورة من القرآن بصوت مرتفع، فيمنع الناس من نومهم ويخلط على المتهجدين قراءتهم، وكل ذلك من المنكرات، وقال الحافظ في الفتح: ما أحدث من التسبيح قبل الصبح وقبل الجمعة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ليس من الأذان لا لغة ولا شرعا.
15- الجهر بالصلاة والسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم عقب الاذن غير مشروع، بل هو محدث مكروه، قال ابن حجر في الفتاوى الكبرى: قد استفتى مشايخنا وغيرهم في الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بعد الاذن على الكيفية التي يفعلها المؤذنون، فأفتوا بأن الاصل سنة، والكيفية بدعة، وسئل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية عن الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم عقب الاذان؟ فأجاب: أما الأذان فقد جاء في الخانية أنه ليس لغير المكتوبات، وأنه خمس عشرة كلمة وآخره عندنا، لا إله إلا الله، وما يذكر بعده أو قبله كله من المستحدثات المبتدعة، ابتدعت للتلحين لا لشئ آخر ولا يقول أحد بجواز هذا التلحين، ولا عبرة بقول من قال: إن شيئا من ذلك بدعة حسنة، لأن كل بدعة في العبادات على هذا النحو فهي سيئة، ومن ادعى أن ذلك ليس فيه تلحين فهو كاذب.